قراء عازه الأعزاء ...

يسعدنا أن نلتقي بكم عبر هذه المساحة لنبحر سويا في بحر تاريخ وطننا العزيز... ونغوص في أعماقه ونسعى لان نكشف كل ما هو خفي عنا , والكثير منا يلم بتاريخنا الحديث (الخمسون عاما الأخيرة) بكل ما فيه من دراما سياسية واجتماعية وثقافية ولكن قد يجهل الكثيرون تاريخ سودان ما قبل الميلاد كما أرخه القليل من كتابنا . وربما ساهمت السنوات الماضية وما دار فيها من أحداث في جهل الأجيال الأخيرة لحضارة السودان كما حجمت قدرة الباحثين علي تناولها بالكيفية المطلوبة.

(اما سودان ما قبل الميلاد فقد اتفق المؤرخون على انه لم تعرف للسودان حضارة كحضارة القدماء المصريين حيث استقرار الحياة وبناء المدن التي جسدت حضارة المصريين )... ولكن قد اتضح جليا الارتباط الأزلي والقوي بين السودان ومصر على مر التاريخ كأزلية ارتباط النيل ... وما كانت التجارة الا إحدى الجذور القوية الممتدة والتي لم تتوقف منذ ذلك التاريخ وكانت في تبادل مستمر حيث وجد العاج وريش النعام الذي انتشر بين ملوك مصر وذلك في مقابل بعض السلع التبادلية التي كانت تستجلب من مصر وفيما بعد ازدهرت التجارة حيث أن السودان كان مصدرا للذهب .

وعندما نتحدث عن ارتباط مصر بالسودان فلا بد وان نذكر ما قام به ملوك مصر من محاولات الاستيلاء على أجزاء كبيرة من السودان وتعين حكام عليها وقد نجحوا في ذلك لحد ما . وبالمقابل كان ملوك السودان قد استغلوا ضعف الوضع في مصر وشرعوا في تحقيق طموحات لهم حيث تمكنوا من احتلال أجزاء من مصر وبسط نفوذهم عليها حتى أصبحت كل البلاد إلى البحر الأبيض المتوسط تحت سيطرتهم لفترات ليست بالطولية .

وقد يطول بنا الحديث حتى نصل إلى الحكم المصري التركي على السودان وذلك، بعد أن سيطر الأتراك على مصر وبسطوا نفوذهم حيث عين السلطان العثماني محمد على باشا حاكما عليها . نجد أن محمد على قد زحف شرقا على الأراضي الحجازية ومن ثم استطاع أن يؤمن حدوده الغربية ولم يكن أمامه سوى أن يتجه جنوبا لكي يحمى مملكته ويبسط نفوذه وتكوين إمبراطوريته لتكون امتدادا للإمبراطورية العثمانية.

وخلال فترة حكم محمد على للسودان ، سوف نتطرق إلى الكثير  من المعارك والحملات العسكرية التي قادها ضد السلاطين والملوك , وسنرى كيف سقطت سلطنة الفونج والفور وماذا حل بالجعليين وما واجهه الشايقية .

وسيطول بنا الإبحار على الحكم المصري وعهد إسماعيل باشا حتى عهد الثورات ومولد الثورة المهدية وانطلاقتها حتى سقوط غردون وحكم المهدى للسودان . وبما أن الطريق نحو الاستقلال لم يمر إلا عبر طريق طويل ومسيرة نضال صلدة سقط خلالها الحكم المصري و من ثم عاد بالتعاون مع الإنجليز وذلك نتيجة تخوف الإنجليز من التسابق الأوربي نحو استعمار القارة الأفريقية , وبذلك بدأت حقبة الحكم الثنائي البريطاني المصري . وبالرغم من أن الاتفاقية التي وضعت بين الدولتين جعلت السودان في يد الحاكم العام البريطاني لم تترك ثغرة للحكومة المصرية بأن تتدخل في إدارة السودان . وهكذا إستفرد الإنجليز بفرض نظام إدارتهم على السودان والتي اصطدمت بالأرضية القبلية للسودان وبداية خلافات مستمرة مع الزعماء إلا أنهم نجحوا في ضمان ولاء زعماء القبائل وبناء نظام إدارة أهلية على هذا الأساس .

غير أن هذا لم يكن كافيا لتجنب الانتفاضات والقضاء على آثار المهدية حتى بعد أن قاموا بالقضاء على أبناء المهدى الذين لم يبقى منهم سوى عبد الرحمن المهدى وذلك لصغر سنه  في ذلك الوقت والذي كان فيما بعد أحد قادة الاستقلال ورمز من رموزه .

أعزائنا قراء عازه الكرام ...

ها نحن نلج هذا الجانب الهام والذي تباينت حوله وجهات النظر ونأمل من طرق أبواب الحوار الهادف أن تتقارب الرؤى حوله على اقل التقديرات .

ونلتقي في الحوار ، مع وأفر الإحترام .

 

 

 

 

 

عوده