قضية

قضية 2 من 2

الحوار الجاد ...... مفتاح لكل الأزمات

التعصب للفكرة .. للرأي .. للجماعة يحطم الأوطان

الحق ...... وحده يعلو مهما طال أمد الظلم

نتناول في هذه الحلقة تكميلاً لما سبق , في دور التاريخ للمعارضة في السودان ونختمه بتحليل للوضع الراهن للمعارضة السودانية أملين أن نوفق في وضع رؤى جديدة لمفهوم ووسائل المعارضة في الحركة الوطنية وفي ذات الوقت طرح الموضوع لسائر المواطنين للإدلاء بآرائهم عبر إصدارة عازة .

في بادي الأمر نجمع أن الوضع الراهن في بلادنا غير مقبول ولا نريد أن نسرد التاريخ، ولكن ما نحن فيه لم يأت من فراق بل كان نتيجة تراكمات سلبية للنشاط السياسي المعوج والغير مسئول عبر المسيرة السياسية السودانية وسوف يتم تركيزنا هنا على دور المعارضة خلال مسيرة العمل الوطني .

في قترة العهد المايوي إنخرطت كثير من الأحزاب مع السلطة حيث إتسم عهد مايو بمشاركة الأحزاب تحت مسميات وظروف مختلفة، كما إتسمت المعارضة لهذا العهد بالتخريب – أجل التخريب بكل ما تعني الكلمة من معنى – فقد كانت المعارضة تتخذ من التخريب سلاح لإثارة الجماهير على النظام، كانوا ينتهجون أساليب مدروسة في التخريب، بينما النظام نفسه كان يتخذ أساليب عشوائية في تخريب البلاد، وهكذا إلتقت السلطة والمعارضة على الوطن الجريح .

لم يكن بمقدور المعارضة أن تواجه النظام دوماً , وجهاً لوجه أو أن تتخذ التدابير التي تبقي الوطن وموارده بعيدة عن التخريب بل أصبح الاقتصاد الوطني هدفاً أساسياً لبعض التيارات المعارضة، وذلك بحجة إحراج النظام اقتصاديا . ولم تتمكن المعارضة من تطوير أساليبها، بل لنكن صادقين، فقد إختارت المعارضة أسهل وآمن الطرق لنشاطها .

وعندما جاءت انتفاضة أبريل ولم يستطيع نور الديمقراطية أن يزيح المعارضة السلبية، فصارت سياسة التخريب وعرقلة نشاط الحكومات وإثارت الشائعات المقرضة والمحرجة لوزرائها هدفاً أساسياً لنشاط المعارضة، وبالرغم من حرية الرأي إلا أن المعارضة لم تطور نشاطها، وكأن سياسة الهدم والضرب تحت الحزام إرث سياسي للمعارضة السودانية . وكانت نتيجة هذه السلبية تجاهل مستمر لقضايا الوطن والمواطنين وخداع وتضليل بآلات إعلامية ضخمة ساعدت في تكريس أزمة الحكم في السودان .

وهكذا هوت الديمقراطية الثالثة كما هوت مثيلاتها من قبل وأيضاً بأيدي الأحزاب السياسية، سقطت وأخذنا في البكاء عليها والعمل على إستعادتها، ولكن إستعادت أي ديمقراطية ؟!!!

á ديمقراطية تفتقدها جميع أحزابنا !!

á أم ديمقراطية .. تسقط فيها الأحزاب كل إحترام للعقيدة والوطن والشعب !!

á أم ديمقراطية .. تعجز أحزابنا أن تحميها ولو سنحت الفرصة لأي منها لإنقضت عليها ..

وهكذا ظللنا ندور في فلك قضية فهمنا الخاطي في تعاطي العملي العام والسياسي ، حيث ما زال فهم أن السياسة لعبة قذرة يسيطر على عقولنا، وأنه من أجل تحيقي الغاية يمكنك أن تتحالف حتى مع عدوك الذي كنت تقاتله بالأمس .

ولكن هل الغاية هي إستعادت الديمقراطية أم كراسي الحكم ؟!!

 

هذا السؤال يمثل القضية الأساسية للمعارضة السودانية الحالية !

إن كانت الغاية هي إستعادت الديمقراطية فيجب أن نعلم أن فاقد الشي لا يعطيه، أما إن كانت غايتنا إستعادة كراسي الحكم فهذا الجيل قد وضع رأي واضح في هذا الأمر، أجل لم يعد السودان وظروفه تتحمل التجريب وإخفاقات أكتوبر وأبريل والمظريات وهلم جرا ... أو الحنين إلى وحدة وادي النيل دون وعي وثوابت ، لقد إنتهى زمن العاطفة والحديث الحلو والتجريب وجاء زمن الحديث الجاد والتخطيط والمؤسسات ومصالح الوطن العليا .

إذن فنحن نسعى نحو الديمقراطية، ولكي نسعى نحوها جادين لا بد أن نكون ديمقراطيين في أنفسنا وفي مؤسساتنا الحزبية كذلك . فإن كنت تريد أن تنصب نفسك إماماً فأبدأ بنفسك أولاً وإلتزم بما تأمر به الناس يتبعك الآخرون ، لهذا لا بد للأحزاب أن تكون بقدر ما تحمله من طموح أن تلزم نفسها بالديمقراطية عبر كل هياكلها ولوائحها الداخلية .

ولأن الوضع الراهن هو ما يهمنا الأن ، وحدثنا عن الماضي ما هو إلا لربط الأحداث وأخذ العبر واستقراء الحاضر بدراسة جادى لماضي حركتنا الوطنية التي نعترف أنها لا تخلو من نجاحات باهرة حققتها عبر مسيرتها الطويلة . وعند دراستنا للمعارضة الحالية لنظام يوينو نقف مندهشين من عدم إستفادت قوى المعارضة من ذلك الإرث الكبير للحركة الوطنية وتطويره بما يتفق وقضايا الوطن الآنية .

وقبل أن ندخل في تحليل مواقف ودور المعارضة الحالية، فلنعرف المعارضة بصورة نعتقد أنه لا يختلف عليها الكثيرون . حيث تعتبر المعارضة نشاط لقوى محددة تجاه وضع راهن محدد تسعى هذه القوة لتطويره أو تغيره . ولا نعتقد أن في الوجود معارضة تحاول أن تنفذ من غير هذان الهدفان التطوير أو التغيير . ولنقل أن هدف المعارضة الحالية ( ونعني بها بعض القوى العاملة في المعارضة الخارج والتي تعتبر نفسها الممثل الوحيد للمعارضة السودانية ) تسعى لتغيير النظام وهذا هو الهدف الواضح من خلال نشاط القوى المعارضة الحالية .

ولتغيير وضع ما، لابد أن تكون القوى العاملة للتغير تختلف كلياً عن القوى المراد تغييرها وهذا شي بديهي، ولكن ما هو الفرق بين النظام الحاكم في السودان والمعارضة القائمة في الخارج ؟  ، ولنكن أكثر وضوحاً فلنقل ما هو الفرق بين نظام الجبهة الإسلامية الحاكم في السودان والتجمع الديمقراطي المعارض ؟!!!

نحاول في المقارنة التالية أن نبين بعض الملامح المتشابهة بين القوتين .

التجمع الوطني الديمقراطي

الجبهة الإسلامية القومية

مجموعة أحزاب سياسية منها من تعامل مع العسكر وشاركهم السلطة في بعض مراحل السودان السياسية

هي حزب سياسي خاض التجربة الديمقراطية مع الأحزاب الأخرى ثم إنقلب عليها بعساكره

إحتكر لسان المعارضة وتحدث باسم الشعب دون تفويض وإتخذ مبادئ وقرارات مصيرية دون مشورة الشعب .

إحتكرت لسان الشعب وفصلت لها دستور يلائمها وإتخذت لها نظام حكم يلائم أهدافها وحدها .

فرض على الشعب قيادات هشة وتيارات عفى عليه الزمن تحدثت باسمه في المحافل الدولية ولا يدري عنها الشعب شيئاً .

فرضت على الشعب قيادات سياسية ومصلحية وقليلة الخبرة وإحتكرت الوظائف العليا في البلاد  .

تعامل أيضاً مع قضية الجنوب وفق تكتيك مرحلي فتحالف مع أقرب الفصائل إليه رغم التاريخ العدائي وأبرم عهود يعمل أنه لن يوفي بها من غير مراعاة للمصلحة الوطنية .

تعاملت مع قضية الجنوب وفق تكتيك مرحلي فقربت إليها من تقاربت مصالحه معها ولم تراعي للمصلحة القومية والوطنية .

ربط نفسه بمحاور سياسية عالمية وتورط في إلتزامات دولية يلزم سداد فواتيرها فيما بعد .

ربطة البلاد بمحاور سياسية عالمية أدخلت البلاد في كثير من المشاكل ودفع الوطن ثمنها كثيرً .

إستجاب لإستفزازات النظام وإستمد إسلوب المليشيات المسلحة حيث ضاع الأمن في كثير من ربوع السودان الآمن .

أدخلت إسلوب المليشيات المسلحة في النشاط السياسي وتأثرت به لساحة السياسية ولم يعد الجنوب وحده الذي سمع فيه صوت الرصاص .

خلق فجوة كبيرة بينه وبين المواطنين وسخر إعلامه لبث صور مبالغة تجافي الحقيقة وتؤثر على سمعة البلاد العالمية وتسئ للسودان وشعبه .

تنتهج سياسة تجهيل المواطنين وإستغلال الإعلام لتحقيق أهدافها .

ولو واصلنا لوجدنا آلاف النقاط المتشابهة بين الحكومة والتجمع الوطني، وبعدها يحق لك أن تسأل مندهشاً ، لماذا يختلف الاثنان ؟!!

إن الهدف الأساسي للتجمع الوطني هو إسقاط النظام، ولكن السؤال الذي يطرح مفسه هو ثم ماذا بعد إسقاط النظام في السودان ؟!

قد تكون مقررات أسمة ومن قبلها نيروبي وما لحقها هي الإجابة لهذا السؤال، ولكن هل سيظل الإجماع على هذه المقررات صامد حتى إسقاط النظام ؟ . الإجابة البديهية لا .. وذلك لأن تركيبة التجمع السياسية تتباين مع هذه المقررات ، وما خروج حزب الأمة من التجمع مؤخراً إلا دليل واضح على هذا التباين والتحالف المرحلي المبتور .

وهكذا نعود مرة أخرى إلى جوهر القضية الأساسية وهي الإتفاق على ثوابت محددة يلتقي عليها الجميع ولا تتغير بتغير المواقف أو الظروف الراهنة، وهذه الثوابت هي مصالح الوطن العليا التي يجب أن تكون أعلى من كل مصالح حزبية أو شخصية، وحتى لا يتخذ هذا الحديث طابع الشعارات لا بد من تعريف هذه الثوابت أولاً وتحديدها، وهذا التعريف والتحديد لا يتأتي من قبل جماعة محددة أو منظر واحد، بل لا بد من أن تطرح القضية للنقاش لكل القوى السياسية والأفراد ولا بد لكل مواطن أن يدلي برأيه في هذه المسألة عبر مختلف المنابر والوسائل المتاحة .

وحتى يظل صوت المعارضة مرفوعاً بكل فصائله

ترحب عازة عبر بريدها الإلكتروني بكل مشاركاتكم وتفتح صفحاتها لكل الآراء حتى من اختلف معنا في وجهة نظرنا ، لأننا نؤمن بأن إختلاف وجهات النظر لا يفسد في حب الوطن قضية .

aazamagazine@hotmail.com

عوده